Selasa, 07 Februari 2012

تفسير أيات الأحكام وأحاديثها في الوصية


جمعه ورتبه : محمد نور خازن & نور واحد

تحت إشراف: الأستاذة الدكتورة الحاجة خزيمة توحيد ينجو

بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا (1) قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا (5) الكهف . شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(18) آل عمران.
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) الصف.
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) الأحزاب .
اللهم صلى على (سيدنا) محمدٍ و على آل( سيدنا) محمدٍ كما صليت على آل ( سيدنا) إبراهيم. وبارك على( سيدنا) محمدٍ وعلى آل( سيدنا) محمدٍ كما باركت على آل( سيدنا) إبراهيم فى العالمين إنك حميدٌ مجيد.[1]
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُل محدثةٍ بِدْعَةٌ وكل بدعةٍ ضَلالَةٌ[2]. وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّار[3]ِ.
الوصايا : جمع وصية , كهدايا وهدية[4]. قال في الفتح الوصايا جمع وصية كالهدايا وتطلق على فعل الموصي وعلى ما يوصي به من مال أو غيره من عهد ونحوه فتكون بمعنى المصدر وهو الايصاء وتكون بمعنى المفعول وهو الاسم.[5]
وفي الشرع : تطلق على العهد الخاص المضاف لما بعدالموت.[6] وهو المقصود هنا – وتطلق كذلك على ما يقع به الزجر عن المنهيات والحث على المامورات.[7]
وكنا قد ابتدأناايات القران و الحديث في باب الوصايا، وتناولنا الكلام عن أركان الوصايا، فذكرنا أن الوصية لها أربعة أركان على مذهب جمهور الفقهاء، وقلنا: إن هذه الأركان الأربعة هي:
 1. الصيغة،
2. والموصي،
3.والموصى إليه،
4. والموصى به.[8]
الأيات القرأنية
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.  (البقرة 180-182).
 معني المفردات
كتب : فرض[9]
خيرا : الخير كل ما يحقق نفعا أو سعادة ،
الوصية : ما يكتبه الرجل ليُعمل به ومن بعده .
المعروف : الخير المتعارف به بين الناس.
الجنف : الجور ، والميل عن الصواب .
التفسير والبيان
اشتملت هذه الآية الكريمة على الأمر بالوصية للوالدين والأقربين. وقد كان ذلك واجبًا -على أصح القولين -قبل نزول آية المواريث، فلما نزلت آية الفرائض نسخت هذه، وصارت المواريث المقدرة فريضة من الله، يأخذها أهلوها حتمًا من غير وصية ولا تحمل منَّة  الموصي، ولهذا جاء الحديث في السنن وغيرها عن عَمْرو بن خارجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول: "إن الله قد أعطى كلّ ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"[10].
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَية، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، قال: جلس ابن عباس فقرأ سورة البقرة حتى أتى [على] هذه الآية: { إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ } فقال: نسخت هذه الآية. وكذا رواه سعيد بن منصور، عن هشيم، عن يونس، به. ورواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرطهما.
وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس، في قوله: { الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ } نسختها هذه الآية: { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } [ النساء: 7].
ثم قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عمر وأبي موسى، وسعيد بن المسيَّب، والحسن، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جُبَير، ومحمد بن سيرين، وعكرمة، وزيد بن أسلم، والربيع بن أنس، وقتادة، والسدي، ومقاتل بن حَيّان، وطاوس، وإبراهيم النَّخَعي، وشُرَيح، والضحاك، والزهري: أن هذه الآية منسوخة نسختها آية الميراث.
وعن أبي عبد الله محمد بن عمر الرازي -رحمه الله - حكى في تفسيره الكبير عن أبي مسلم الأصفهاني  أن هذه الآية غير منسوخة، وإنما هي مُفَسرة بآية المواريث، ومعناه: كتب عليكم ما أوصى الله به من توريث الوالدين والأقربين. من قوله: { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ } [ النساء: 11] قال: وهو قولُ أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء. قال: ومنهم من قال: إنها منسوخة فيمن يرث، ثابتة فيمن لا يرث، وهو مذهب ابن عباس، والحسن، ومسروق، وطاوس، والضحاك، ومسلم بن يَسَار، والعلاء بن زياد.
قلت: وبه قال أيضًا سعيدُ بن جُبَير، والربيع بن أنس، وقتادة، ومقاتل بن حيان. ولكن على قول هؤلاء  لا يسمى هذا نسخا في اصطلاحنا المتأخر؛ لأن آية الميراث إنما رفعت حكم بعض أفراد ما دل عليه عموم آية الوصاية، لأن "الأقربين" أعم ممن يرث ومن  لا يرث، فرفع حكم من يرث بما عين له، وبقي الآخر على ما دلت عليه الآية الأولى. وهذا إنما يتأتى على قول بعضهم: أن الوصاية في ابتداء الإسلام إنما كانت ندبا حتى نسخت. فأما من يقول: إنها كانت واجبة وهو الظاهر من سياق الآية -فيتعين أن تكون منسوخة بآية الميراث، كما قاله أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء؛ فإنّ وجوب الوصية للوالدين والأقربين [الوارثين] منسوخ بالإجماع. بل منهي عنه للحديث المتقدم: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث". فآية الميراث حكم مستقل، ووجوب من عند الله لأهل الفروض وللعصبات، رفع بها حكم هذه بالكلية. بقي الأقارب الذين لا ميراث لهم، يستحب له أن يُوصَى لهم من الثلث، استئناسًا بآية الوصية وشمولها، ولما ثبت في الصحيحين، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده". قال ابن عمر ما مرت عَلَيّ ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي  .
وقوله: { إِنْ تَرَكَ خَيْرًا } أي: مالا. قاله ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جُبَير، وأبو العالية، وَعَطية العَوْفي، والضحاك، والسدي، والربيع بن أنس، ومقاتل بن حيان، وقتادة، وغيرهم.
ثم منهم من قال: الوصية مشروعة سواء قَلّ المال أو كثُر كالوراثة ,ومنهم من قال: إنما يُوصِي إذا ترك مالا جزيلا ثم اختلفوا في مقداره، فقال ابن أبي حاتم: قيل لعلي، رضي الله عنه: إن رجلا من قريش قد مات، وترك ثلاثمائة دينار أو أربعمائة  ولم يوص. قال: ليس بشيء، إنما قال الله: { إِنْ تَرَكَ خَيْرًا } .وعن هشام بن عروة، عن أبيه: أن عليا دخل على رجل من قومه يعوده، فقال له: أوصي؟ فقال له علي: إنما قال الله تعالى: { إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ } إنما تركت شيئًا يسيرا، فاتركه لولدك.
وقال الحكم بن أبان: عن ابن عباس: من لم يترك ستين دينارا لم يترك خيرًا، قال الحكم  : قال طاوس: لم يترك خيرًا من لم يترك ثمانين دينارا. وقال قتادة: كان يقال: ألفا فما فوقها.
والمراد بالمعروف: أن يوصي لأقربيه وَصيَّةً لا تجحف بورثته، من غير إسراف ولا تقتير، كما ثبت في الصحيحين.
وقوله: { فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ } يقول تعالى: فمن بدل الوصية وحرفها، فغير حكمها وزاد فيها أو نقص -ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى -{ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ } قال ابن عباس وغير واحد: وقد وقع أجر الميت على الله، وتعلَّق الإثم بالذين بدلوا ذلك { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي: قد اطلع على ما أوصى به الميت، وهو عليم بذلك، وبما بدله الموصى إليهم.
وقوله: { فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا } قال ابن عباس، وأبو العالية، ومجاهد، والضحاك، والربيع بن أنس، والسدي: الجَنَف: الخطأ. وهذا يشمل أنواع الخطأ كلها، بأن زاد وارثا بواسطة أو وسيلة، كما إذا أوصى ببيعه الشيءَ الفُلانيّ محاباة، أو أوصى لابن ابنته ليزيدها، أو نحو ذلك من الوسائل، إما مخطئًا غير عامد، بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر، أو متعمدًا آثمًا في ذلك، فللوصيّ -والحالة هذه -أن يصلح القضية  ويعدلَ في الوصية على الوجه الشرعي. ويعدل عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به  جمعا بين مقصود الموصي والطريق الشرعي. وهذا الإصلاح والتوفيق ليس من التبديل في شيء. ولهذا عطف هذا -فبينه  -على النهي لذلك، ليعلم أنّ هذا ليس من ذلك بسبيل، والله أعلم.
الأيات القرأنية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ المائدة 106
معني المفردات
الشهادة : قول صادر عن علم حصل بالمشاهدة
ضربتم في الارض : سافرتم
تحبسونهما : تمسكونهما وتمنعونهما من الهروب
ارتبتم : شككتم في صدقهما فيما يُقِرَّانِ به .
لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً: لاَ نَأخُذُ بِقَسَمِنَا كَذِباً عَرَضاً دُنْيَوِيّاً .
اسباب النـزول
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات مختلفة في تفاصيلها إلا أنها متقاربة في مغزاها.ومن ذلك ما ذكره عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَر أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ) قَالَ بَرِئَ مِنْهَا النَّاسُ غَيْرِي وَغَيْرَ عَدِيَّ بْنِ بَدَّاءٍ وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّامِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَتَيَا الشَّامَ لِتِجَارَتِهِمَا وَقَدِمَ عَلَيْهِمَا مَوْلًى لِبَنِي هَاشِمٍ يُقَالُ لَهُ بُدَيْلُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِتِجَارَةٍ وَمَعَهُ جَامٌ مِنْ فِضَّةٍ يُرِيدُ بِهِ الْمَلِكَ وَهُوَ عُظْمُ تِجَارَتِهِ فَمَرِضَ فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُبَلِّغَا مَا تَرَكَ أَهْلَهُ قَالَ تَمِيمٌ فَلَمَّا مَاتَ أَخَذْنَا ذَلِكَ الْجَامَ فَبِعْنَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اقْتَسَمْنَاهُ أَنَا وَعَدِيُّ بْنُ بَدَّاءٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى أَهْلِهِ دَفَعْنَا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ مَعَنَا وَفَقَدُوا الْجَامَ فَسَأَلُونَا عَنْهُ فَقُلْنَا مَا تَرَكَ غَيْرَ هَذَا وَمَا دَفَعَ إِلَيْنَا غَيْرَهُ قَالَ تَمِيمٌ فَلَمَّا أَسْلَمْتُ بَعْدَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ تَأَثَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَأَخْبَرْتُهُمْ الْخَبَرَ وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ خَمْسَ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مِثْلَهَا فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَجِدُوا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يُقْطَعُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ فَحَلَفَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِلَى قَوْلِهِ أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ) فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَرَجُلٌ آخَرُ فَحَلَفَا فَنُزِعَتْ الْخَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍِ[11]
التفسير والبيان
أكثر المفسرين –كما قال الطبري- على أن هذه الأية محكمة غير منسوخة, ومن ادعى النسخ فعليه البيان, ثم صوب الطبري القول بالنسخ, لأن المعمول به بين أهل الإسلام قديما منذ بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما بعد ذلك : أن إثبات الحق يكون إما ببينة المدعي أو بيمين المدعى عليه إذا لم يكن للمدعي بينة تصحح دعواه, وأن من ادعى سلعة في يده أنها له اشتراها من المدعي: القول قول المدعي بيمينه, إذا لم يكن لمن هي في يده بينة تثبت مدعاه[12]    ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآيات ما يأتي :
1 - الحث على الوصية وتأكيد أمرها ، وعدم التهاون فيها بسبب السفر أو غيره ، لأن الوصية تثبت الحقوق ، وتمنع التنازل ولهذا شدد الإِسلام في ضرورة كتابة الوصية ، والشخص قوى معافي ، ففي صحيح مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده " .
قال ابن عمر - راوي هذا الحديث - : " ما مرت على ليلة منذ سمعت رسول الله قال ذلك إلا وعندي وصيتي " .
2 - الإِشهاد على الوصية في الحضر والسفر ، ليكون أمرها أمرها أثبت ، والرجاء في تنفيذها أقوى ، فإن عدم الإِشهاد عليها كثيراً ما يؤدي إلى التنازل وإلى التشكك في صحتها .
3 - شرعية اختيار الأوقات والأمكنة والصيغ المغلظة التي تؤثر في قلوب الشهود وفي قلوب مقسمى الأِيمان ، وتحملهم على النطق بالحق .
قال صاحب المنار : ويشهد لاختيار الأوقات جعل القسم بعد الصلاة ، ومثله في ذلك اختيار المكان ومما ورد في السنة في ذلك ما رواه مالك وأحمد وأبو داود . عن جابر مرفوعا ، " لا يحلف أحد عند منبري كاذاب إلا تبوأ مقعده من النار " .
ويشهد بجواز التغليظ على الحالف على صيغة اليمين - بأن يقول فيه ما يرجى أن يكون رادعا للحالف عن الكذب - ما جاء في الآيات الكريمة من قوله - تعالى - { فَيُقْسِمَانِ بالله إِنِ ارتبتم لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قربى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ الله إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ الآثمين } .
4 - جواز تحليف الشهود إذا ارتاب الحكام أو الخصوم في شهادتهم ، وقد روى عن ابن عباس أنه حلف المرأة التي شهدت في قضية رضاع بين زوجين .
5 - جواز شهادة غير المسلمين على المسلمين عند الضرورة ، وقد بسط الإِمام القرطبي القول في هذه المسألة على ثلاثة أقوال [13]:
الأول : أن الكاف والميم في قوله { اثنان ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ } ضمير للمسلمين ، وفي قوله { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } للكافرين . فعلى هذا تكون شهادة أهل الكتاب على المسلمين جائزة في السفر إذا كانت وصية . وهو الأشبه بسياق مع ما تقرر من الأحاديث .
وهوقول ثلاثة من الصحابة الذين شاهدوا التنزيل وهم : أبو موسى الأشعري وعبد الله بن مسعود وعبدالله بن عباس ، وتبعهم في ذلك جمع من التابعين ، واختاره أحمد بن حنبل وقال : شهادة أهل الذمة جائزة على المسلمين في السفر عند عدم المسلمين ، كلهم يقولون : " منكم " من المؤمنين . ومعنى { مِنْ غَيْرِكُمْ } يعني الكفار .
القول الثاني : أن قوله - سبحانه - { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } منسوخ وهذا قول زيد بن أسلم؛ والنخعي ومالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم من الفقهاء .
واحتجوا بقوله - تعالى - { مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشهدآء } وبقوله : { وَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْ } فهؤلاء زعموا أن الآية الدين من آخر ما نزل وأن فيها { مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشهدآء } فهو ناسخ لذلك ، ولم يكن الإِسلام يومئذ إلا بالمدينة فجازت شهادة أهل الكتاب . وهو اليوم طبق الأرض فسقطت شهادة الكفار وقد أجمع المسلمون على أن شهادة الفساق لا تجوز والكفار فساق فلا تجوز شهادتهم .
قال القرطبي : قلت : ما ذكرتموه صحيح إلا أنا نقول بموجبه وأن ذلك جائز في شهادة أهل الذمة على المسلمين في الوصية في السفر خاصة للضرورة بحيث لا يوجد مسلم وأما مع وجود مسلم فلا .
ولم يأت ما ادعيتموه من النسخ عن أحد ممن شهد التنزيل ، وقد قال بالأولى ثلاثة من الصحابة ومخالفة الصحابة إلى غيرهم ينفر عنه أهل العلم .
ويقوى هذا أن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا ، حتى قال ابن عباس والحسن وغيرهما : إنه لا منسوخ فيها ، وما ادعوه من النسخ لا يصح ، فإن النسخ لابد فيه من إثبات الناسخ على وجه ينافي الجمع بينهما مع تراخي الناسخ فما ذكروه لا يصح أن يكون ناسخا ، فإنه في قصة غير قصة الوصية لمكان الحاجة والضرورة ، ولا يمتنع اختلاف الحكم عند الضرورات .
القول الثالث : أن الآية لا نسخ فيها . قاله الزهري والحسن وعكرمة ، ويكون معنى قوله { منكم } أي من عشيرتكم وقرابتكم . . ومعنى { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } أي : من غيرالقرابة والعشيرة .
وهذا ينبي على معنى غامض في العربية ، وذلك أن معنى { آخر } في العربية من جنس الأول ، تقول : مررت بكريم وكريم آخر ولا تقول مررت بكريم وخسيس آخر ، فوجب على هذا أن يكون قوله { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } أي عدلان من غير عشيرتكم من المسلمين .
وبعد أن ساقت السورة الكريمة قبل ذلك ما ساقت من تشريعات حكيمة ومن تفصيل لأحوال أهل الكتاب وعقائدهم الزائفة . بعد كل ذلك اتجهت السورة في أواخرها إلى الكلام عن أحوال الناس يوم القيامة وعن معجزات عيسى - عليه السلام - وعن موقف الحواريين منه . قال - تعالى :
 { يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ . . . }. وذالك ذكر في الوسيط لسيد طنطاوي
الحديث الاول
 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ" متفق عليه.
درجة الحديث
هذا الحديث حديث متفق على صحته.
تخريج الحديث[14]
رقم
المصدر
الكتاب
رقم الحديث
1
البخاري
الوصايا
2033
2
مسلم
الوصية
3074, 3075
3
الترمذي
الجنائز عن رسول الله
896
4
الترمذي
الوصايا عن رسول الله
2044
5
النسائي
الوصايا
3557,3558,3559,3560
6
أبو داود
الوصايا
2478
7
ابن ماجه
الوصايا
2690
8
أحمد
مسند مستكثرين في الصحابة
4239,4350, 4667, 4872,
9
مالك
الاقضية
1562
المعنى الاجمالي :
ان الله تعالى قد تصدق على المؤمنين بصدقه  وهي ان جعل لهم من الحق ان يتصرفوا بثلث مالهم بعد موتهم, ويكون لهم في ذلك الثواب والاجر.
وخشي النبي صلعم ان تفوتهم هذه الفضيلة, وهذ الاجر, فحضهم على الاسراع بكتابة تلك الوصية, خشية ان يخترمهم الموت قبل ذلك.[15]
التحليل اللفظي :
ما حق: "ما" نافية بمعنى ليس , و "حق" اسمها, وخبرها ما بعد "الا" , والواو زائدة فى الخبر لوقوع الفصل ب الا.
قال الشافعي : معناه ما الخرم والاحتياط للمسلم.
وقال غيره : الحق لغة الشيئ الثابت, ويطلق شرعا على ما يثبت به الحكم, والحكم الثابت اعم من ان يكون واجبا او مندوبا, ويطلق على المباح بقلة.
وقال المصنف فى الفتح : الوصف بالمسلم خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له, او ذكر للتهييج, ووصية الكافر جائز فى الجملة. وحكى ابن المنذر فيه الاجماع, وقد بحث فيه السبكي من جهة  ان الوصية شرعت زيادة في العمل الصالح, والكافر لاعمل له بعد الموت. قلت: الوصف بالمسلم لم يخرج مخرج الغالب, اذ ان الحق يتعلق به, ولا يتعلق بغيره.
يريد ان يوصى: سقطت "يريد" من كثير من الروايات.
يبيت: فيه مقدر "ان".
ليلتين: وفي بعض الروايات: "ليلة" وفي بعضها: "ثلاث ليال".
قال الطيبي: في هذالتخصيص تسامح في ارادة المبالغة, اى لا ينبغي ان يبيت زمانا, وقد سامحناه في الليلتين والثلاث, فلا ينبغي ان يتجاوز ذلك.
الشرح
 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال [ ماحق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبين ليلتين إلا وصيته مكتوبة عنده ] زاد مسلم [ قال ابن عمر ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي ].
 الوصية على وجهين : أحدهما : الوصية بالحقوق الواجبة على الإنسان وذلك واجب وتلك بعضهم في الشيء اليسير الذي جرت العادة بتداينه ورده مع القرب : هل تجب الوصية به على التضييق والفور ؟ وكأنه روعي في ذلك المشقة.
 والوجه الثاني : الوصية بالتطوعات في القربات وذلك مستحب وكأن الحديث إنما يحمل على النوع الأول.
 والترخيص في الليلتين أو الثلاث دفع للحرج والعسر وربما استدل به قوم على العمل بالخط والكتابة لقوله وصية مكتوبة ولم يذكر أمرا زائدا ولولا أن ذلك كاف لما كان لكتابته فائدة والمخالفون يقولون : المراد وصيته مكتوبة بشروطها ويأخذون الشروط من الخارج.  والحديث دليل على فضل ابن عمر لمبادرته في امتثال الأمر ومواظبته على ذلك.
فقه الحديث
1- الحث على الوصية. وهو اجماع, لكن اختلفوا في وجوبها.
فذهب الجماهير الي انها مندوبة.وذهب داوود واهل الظاهر والشافعي في القديم الى وجوبها, وهو قول الزهري وعطاءو واسحاق, وهبن جرير وطائفة.[16]
فيه الحث على الوصية وقد أجمع المسلمون على الأمر بها لكن مذهبنا ومذهب الجماهير أنها مندوبة لا واجبة وقال داود وغيره من أهل الظاهر هي واجبة لهذا الحديث ولا دلالة لهم فيه فليس فيه تصريح بايجابها.[17]
فائدة:
اختلف القائلون بوجوب الوصية, فاكثرهم ذهب الى وجوبها في الجملة, وعن طاوس والحسن وقتادة واخرين : " تجب للقرابة الذين لايرثون خاصة" . قالوا: فان اوصى لغير قرابتهم لم تنفذ, ويرد الثلث كلها الي قرابته.
الحديث الثاني
186 - وَعَنْ { سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا ذُو مَالٍ ، وَلَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ : لَا قُلْت : أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ ؟ قَالَ : لَا قُلْت : أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ ؟ قَالَ : الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ، إنَّك إنْ تَذَرْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
درجة الحديث
هذا الحديث حديث متفق على صحته.
تخريج الحديث[18]
رقم
المصدر
الكتاب
رقم الحديث
1
البخاري
الجنائز
1213
2
مسلم
الوصية
3076-3079
3
الترمذي
الوصايا عن رسول الله
2042
4
النسائي
الوصايا
3567-3572, 3575
5
أبو داود
الوصايا
2480
6
أحمد
مسند العشرة المبشرين بالجنة
1363,1394,1398,1404
7
مالك
الاقضية
1258
المعنى الاجمالي :
لما جازت الوصية للموصي, كان لابد فيها من قيد يحول دون خروج جميع مال الذرية لغيرها, فتقع فيما لا حسبان لها به.
كذا حتى لايحيف بعض الناس فيحتال في منع الوارثين او بعضهم شيئا من حقهم, فضلا عن جميع ذلك الحق.
فلذلك  جاء هذا القيد فشرط ان الوصية لايتجاوز الثلث, وارشد الى ان الاحسن عدم بلوغها ذلك, ولذا كان الجمهور من الصحابة يوصي بالربع فقط.[19]
التحليل اللفظي :
شرطه: نصفه.
ان: بفتح الهمزة للتعليل, وبالكسر شرطية, ويكون الجواب:"خير".
تذر: ترك.
عالة: جمع عائل وهو الفقير.
يتكففون: يسئلون الناس باكفهم.
الشرح
قَوْله (الْوَصِيَّة بِالثُّلُثِ )
أَيْ جَوَازهَا أَوْ مَشْرُوعِيَّته. وَاسْتَقَرَّ الْإِجْمَاع عَلَى مَنْع الْوَصِيَّة بِأَزْيَد مِنْ الثُّلُث.  وَفِيمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِث خَاصّ. فَمَنَعَهُ الْجُمْهُور وَجَوَّزَهُ الْحَنَفِيَّة وَإِسْحَاق وَشَرِيك وَأَحْمَد فِي رِوَايَة وَهُوَ قَوْل عَلِيّ وَابْن مَسْعُود ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْوَصِيَّة مُطْلَقَة بِالْآيَةِ فَقَيَّدَتْهَا السُّنَّة بِمَنْ لَهُ وَارِث فَيَبْقَى مَنْ لَا وَارِث لَهُ عَلَى الْإِطْلَاق.[20]
فقه الحديث
1 – منع الوصية باكثر من الثلث- لمن له وارث- وعلى هذا استقر الاجماع.
ثم اختلفوا هل يستحب الثلث هو اقل؟
فذهب ابن العباس والشافعي وجماعة الى ان المستحب ما دون الثلث, وقد اوصى ابو بكر بالخمس, وهوصى عمر بالربع.[21]
وذهب اخرون الى ان المستحب الثلث.
2 – فضل الاغنياء على الفقراء, شرط القيام بحق المال كما في احاديث الاخرى.
ما يستفاد من الحديث
تخصيص الوصية بالثلث, فيه دليل على عيادة الإمام أصحابه, ودليل على ذكر شدة المرض لا في معرض الشكوى,و دليل على استحباب الصدقة لذوي الأموال, و دليل على مبادرة الصحابة وشدة رغبتهم في الخيرات لطلب سعد التصدق بالأكثر, و دليل على أن الثلث في حد الكثرة في باب الوصية
الحديث الثالث
187 -- وَعَنْ عَائِشَةَ { أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ أُمِّي اُفْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَلَمْ تُوصِ ، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، أَفَلَهَا أَجْرٌ إنْ تَصَدَّقْت عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم.[22]
درجة الحديث
حديث شريف مرفوع للنبى صلى الله عليه وسلم.
تخريج الحديثٍ[23]
رقم
المصدر
الكتاب
رقم الحديث
1
مسلم
الزكاة
1672
2
مسلم
الوصية
3082,3083
4
النسائي
الوصايا
3589
5
أبو داود
الوصايا
2495
6
أحمد
باقي مسند الانصار
23117
7
مالك
الاقضية
1255

المعنى الاجمالي :
قد مضى الكلام في موضعين – من هذا الكتاب- على ما يلحق الميت من عمله,
الاول: في اواخرالجنائز, والثاني : في اول الوقف, مما اغنى عن الكلام هنا على ذلك.
ووجيز الكلام على هذا الحديث, مابوب به البخاري له: " باب ما يستحب لمن توفي فجاة ان يتصدقوا عنه".
التحليل اللفظي :
افتلتت : بضم المثناة بعدالفاء الساكنة وكسر اللام , اي اخذت فلتة, اي بغتة.
نفسها : بتسكين الفاء, اي روحها, والمعنى ماتت.
فقه الحديث
1 – ان الصدقة من الولد تلحق الميت.
الحديث الرابع
188 -  وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { إنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ ، وَحَسَّنَهُ أَحْمَدُ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَوَّاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ ، وَابْنُ الْجَارُودِ -
189 – وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ { إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ } ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.[24]
درجة الحديث
حديث شريف مرفوع للنبى صلى الله عليه وسلم. وَحَسَّنَهُ أَحْمَدُ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَوَّاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ ، وَابْنُ الْجَارُودِ.
تخريج الحديث[25]
رقم
المصدر
الكتاب
رقم الحديث
1
الترمذي
الوصايا عن رسول الله
2046, 2047
2
أبو داود
البيوع
2094
3
ابن ماجه
الاحكام
2389
4
مالك
الوصايا
2704
 المعنى الاجمالي :
لما ذكرالله تعالى ما لكل من الورثة من النصيب, فانه فرضه بعلمه و حكمته التى وسعت كل شيئ, وتعرض الموصى في وصيته لاحد الورثة بشيئ منها, انما هو اخلال بهذا القدر المفروض. وحيف عن شرع الله واحكامه, ولذلك جاء النهي عن الوصية للوارث.[26]
( فَلَا يَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّة )
لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَة عَلَى الْحُقُوق الَّتِي قَرَّرَهَا وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ.[27]
التحليل اللفظي :
ذي حق : اى حق من الميراث.
فلا وصية: بشيئ من الانواع المال.
لوارث: يستحق شيئا من تركة الميت.
وحسنه احمد: والحديث بمجموع طرقه وشواهده لاينزل عن درجة الصحة, فانه روي عن جماعة من الصحابة, كانس بن مالك, عبدالله بن عمر, جابر.
الا ان يشاءالورثة : اي ياذنوا للموصي بذلك.[28]
شرح الحديث
قال مالك في هذه الاية انها منسوخة قول الله تبارك وتعالى( أن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين) البقرة 180 نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله عز و جل.  قال ابو عمر قد تقدم القول في هذه الاية وذكرنا ما للعلماء فيها من التنازع وهل هي منسوخة او محكمة وما الناسخ لها من القران والسنة في باب الامر بالوصية من هذا الكتاب فلا معنى لاعادة ذلك هنا.
 قال مالك السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها انه لا تجوز وصية لوارث الا ان يجيز له ذلك ورثة الميت وانه ان اجاز له بعضهم وابى بعض جاز له حق من اجاز منهم ومن ابى اخذ حقه من ذلك.[29]
فقه الحديث
1 – منع الوصية للوارث , وهو قول الجماهير من العلماء, وشذ عن ذلك قليل.
2 – جواز الوصية للوارث اذا اجازها الورثة, وفي ذلك اختلاف الفقهاء.
فائدة
اختلفوا اذا اقر المريض للوارث بشيء من ماله.
   فاجازه الاوزعي وجماعة مطلقا. وقال احمد : لايجوز اقرار المريض لوارثه مطلقا.
الحديث الخامس
190 – وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي حسناَُتكمْ. "رواه الدارقطني.
درجة الحديث
حديث شريف مرفوع للنبى صلى الله عليه وسلم. واخرجه احمد والبزار من حديث ابي الدرداء.
وابن ماجه من حديث ابي هريرة .وكلها ضعيفة , لكن قد يقوي بعضها بعضا.[30]
تخريج الحديث
191 – واخرجه احمد والبزار من حديث ابي الدرداء.
192 – وابن ماجه من حديث ابي هريرة , رضي الله عنه.[31]
وكلها ضعيفة , لكن قد يقوي بعضها بعضا, والله اعلم.
المعنى الاجمالي :
لما مضى في اول الباب ذكرالحث على الوصية , ناسب ان يذكر في اخره ما ينبئ عن بعض فضلها, وقد مضى بين الاول والاخرالكلام على معنى هذا الخبر.
التحليل اللفظي :
وكلها ضعيفة : ففي سند معاذ اسماعيل بن عياش عن شيخه عتبة بن حميد.
ففي سند ابي الدرداء ابو بكر بن ابي مريم ضعيف, وضمرة لم يستمع من ابي الدرداء.
فقه الحديث
1 – مشروعية الوصية بالثلث, في قليل المال وكثيره.
2 – يقدم الدين اولا, ثم يخرج الثلث من الباقي, لقوله : " بثلث اموالكم" والدين ليس من مال الموصى, ويؤيد هذا حديث ضعيف عن علي, قال الترميذي فيه: " العمل عليه عند اهل العلم".

ما يستفاد من الاحاديث الماضية:
1 - الحث على الوصية.
2 - منع الوصية باكثر من الثلث.
3 - ان الصدقة من الولد تلحق الميت.
4 – منع الوصية للوارث , وهو قول الجماهير من العلماء, وشذ عن ذلك قليل.
5- جواز الوصية للوارث اذا اجازها الورثة, وفي ذلك اختلاف الفقهاء.
6 – مشروعية الوصية بالثلث, في قليل المال وكثيره.
7– يقدم الدين اولا, ثم يخرج الثلث من الباقي.












المراجع
القرأن الكريم
الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش, الابانة الاحكام,(بيروت: دارالفكر)ج 3
  المكتبة الشاملة,  تحفة الاحوذي, كتاب الوصايا,ج 6
تحفة الاحوذي, ح 251. المكتبة الشاملة
شرح عمدة الاحكام, ج 1 المكتبة الشاملة,
ايسر التفاسير لكلام العلي المكتبة الشاملة,
موسوعة الحديث الشريف للكتب التسعة
وهبة الزحيلي,  التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج, الجز 7-8 (بيرت : دارالفكر المعاصر. القرطبي, جامع لأحكام القرأن, المجلد الثالث (الفاهرة : دارالحديث, 2002)
شرح النووي على المسلم, المكتبة الشاملة,
فتح الباري لابن الحجر, المكتبة الشاملة,
المكتبة الشاملة, سبل السلام,باب الوصايا
الاستذكار, ج 2. المكتبة الشاملة,


[1]  البجاري و مسلم
[2]  رواه مسلم
[3]  هذه الزيادة عند النسائي.
[4]  الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش, الابانة الاحكام,(بيروت: دارالفكر)ج 3 ,ح 236.
[5]   تحفة الاحوذي, كتاب الوصايا,ج 6, ح 251. المكتبة الشاملة,
 [6]  الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش ,ابانة الاحكام, ح 236
[7] تحفة الاحوذي, ح 251. المكتبة الشاملة
[8]  المكتبة الشاملة, شرح عمدة الاحكام, ج 1,ح 1.
[9]  ايسر التفاسير لكلام العلي
[10]  روه النسائي وأحمد والترمذي وابن ماجة والدارمي
[11]  الترمذي, سنن الترمذي, كتاب تفسير القرأن عن رسول الله , رقم الحديث  2985 ( موسوعة الحديث الشريف)
[12]  وهبة الزحيلي,  التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج, الجز 7-8 (بيرت : دارالفكر المعاصر. د. س. ) ص. 101
[13]  القرطبي, جامع لأحكام القرأن, المجلد الثالث (الفاهرة : دارالحديث, 2002) ص. 675-676
 موسوعة الحديث الشريف الكتب التسعة.[14]
[15]  الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش ,ابانة الاحكام, ح 237
[16]  الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش, ابانة الاحكام,(بيروت: دارالفكر)ج 3, ح 237.
[17] المكتبة الشاملة, شرح النووي على المسلم, باب كتاب الوصية. قوله ما حق امرىء مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده فكأنه نقله معلقا بالمعنى وقوله وصية الرجل مبتدأ وقوله مكتوبة عنده خبره والمعنى وصية الرجل ينبغي أن تكون مكتوبة عنده وإنما ذكره بهذه الصورة قصدا للمبالغة وحثا على كتابة الوصية. عمدة القاري شرح الصحيح البخاري, باب الوصايا.
 [18]  موسوعة الحديث الشريف الكتب التسعة
  [19] الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش,ابانة.. ج 3, ح 239
[20]  المكتبة الشاملة, فتح الباري لابن الحجر, ح 8, ج 298

[21] وفيه استحباب النقص عن الثلث وبه قال جمهور العلماء مطلقا ومذهبنا أنه إن كان ورثته أغنياء استحب الايصاء بالثلث والا فيستحب النقص منه وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أوصى بالخمس وعن علي رضي الله عنه نحوه وعن بن عمر واسحاق بالربع وقال آخرون بالسدس وآخرون بدونه وقال آخرون بالعشر وقال ابراهيم النخعي رحمه الله تعالى كانوا يكرهون الوصية بمثل نصيب أحد الورثة. شرح النووي على الجمهور
المكتبة الشاملة, سبل السلام,باب الوصايارقم الحديث  906[22]
 موسوعة الحديث الشريف الكتب التسعة.[23]
[24]وَالْمُرَاد بِعَدَمِ صِحَّة وَصِيَّة الْوَارِث عَدَم اللُّزُوم ، لِأَنَّ الْأَكْثَر عَلَى أَنَّهَا مَوْقُوفَة عَلَى إِجَازَة الْوَرَثَة ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا " لَا تَجُوز وَصِيَّة لِوَارِثٍ إِلَّا أَنْ يَشَاء الْوَرَثَة ". المكتبة الشاملة, فتح الباري لابن الحجر, ج  8, ح 305.
 موسوعة الحديث الشريف الكتب التسعة.[25]
الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش, ابانة الاحكام,ج 3, ح240. [26]
المكتبة الشاملة, حاشية السندي على ابن الماجه, ج 5, ح 355.[27]
الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش, ابانة الاحكام,ج 3, ح241.[28]
[29] المكتبة الشاملة, الاستذكار, ج 2,ح 283.
الشيخ ابي عبدالله عبدالسلام علوش, ابانة الاحكام, ج 3ح241.[30]
 رقم الحديث 2700.[31]

2 komentar: