Kamis, 09 Februari 2012

مختلف الحديث : " زيادة العمر في صِلَةُ الرَّحْمِ "


حديث: " زيادة العمر في صِلَةُ الرَّحْمِ "
نص الحديث:
رويتم عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - أنَّه قال : " صِلَةُ الرَّحْمِ تَزِيْدُ فِي العُمْرِ"[1]

وهو في الظاهر مخالف لقوله تبارك وتعالى: {فِإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُوُن }[2]


وجه التعارض:
أن في قول النبي صلى الله عليه وسلم بيان زيادة عمر المرء في صلة الرحم ، وأما في قوله تعالى نقرأ بيانا أن أجل الإنسان مما لا يستاخر ولا يستقدم . فكيف تزيد صِلة الرَّحم في أجلٍ لا يُتأخَّر عنه ولا يُتَقدَّم ؟
فالنَّاظر يجد ما اعترض به أمراً وارداً ، والتَّدافع يكاد يكون أمراً واقعاً ، ولكن بنظرةٍ فاحصةٍ ، وبجمع طرق روايات الحديث ، واستقصاء ألفاظه نتوصَّل إلى حقيقتين مم سأذكر :

حل التعارض:
الأولى : إنَّه لا يمكن ترجيح الآية على الحديث هنا لأن أحاديث زيادة العمر تصل إلى درجة التَّواتر ، فالآية والحديث كلاهما متواترٌ. [3]
الثَّانية : يجب المصير إلى الجمع ، ومن خلال النَّظر في أجوبة العلماء عن هذا الحديث يمكن أن تحمل أقوالهم في الحديث على أمرين.
1- الزِّيادة الحقيقيَّة ، وهذا ما ذهب إليه عددٌ من العلماء منهم : ابن قتيبة[4] ، وابن فُورَك،[5] وابن حجرٍ العَسْقَلانيُّ فقال[6]: وثانيها : إنَّ الزيادة على حقيقتها ، وذلك بالنِّسبة إلى علم الملك المُوكَّل بالعمر ، وأمَّا الأوّل الّذي دلّت عليه الآية فبالنِّسبة إلى علم الله تعالى ، كأن يُقال للملك مثلاً : إنَّ عمر فلانٍ مِئة سنةٍ مثلاً إن وصل رحمه ، وستون إن قطعها ، وقد سبق في علم الله أنَّه يصل أو يقطع ، فالّذي في علم الله لا يتقدَّم ولا يتأخَّر ، والّذي في علم الملك هو الّذي يمكن فيه الزِّيادة والنَّقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى : {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَابِ}[7] فالمحو والإثبات بالنِّسبة لما في علم الملك ، وما في أمِّ الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه ألبته.
فحَمْلُ الزِّيادة على الحقيقة أمرٌ يقبله العقل ، ويؤيِّده النَّقل ، لما في هذا القول من وجاهةٍ ، واحتمال للصَّواب ، وذلك بالتَّفريق بين علم الله الأزليِّ ، وما هو معروفٌ عند الملَك المُوكَّل بالأجل والرِّزق وما إلى غير ذلك.
        وهذا التَّفسير اختاره الغُماريُّ[8] واقتصر عليه فقال [9] : ( للمسلم عُمْران ؛ عمرٌ محدَّدٌ عند الله لا يُعلم غيره ، وعمرٌ مُردَّدٌ بين الزِّيادة والنَّقص عند ملَك الموت ، يقال له : عمر فلانٍ سبعون سنةً إن تصدَّق أو برَّ والديه ، وخمسون سنةً إن لم يفعل ذلك ، وهذا هو المُراد في الحديث).
2 -  الزِّيادة المجازيَّة ، أي إنَّ هذه الزِّيادة كنايةٌ عن البَركة في العُمر بسبب التَّوفيق إلى الطَّاعة وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة،[10] وفي " نوادر الأُصول "[11] : " إنَّ العبدَ إذا عُمِر بالإيمانِ َوبِحياةِ القلب فذلك كثيرٌ وإن قلَّ مدته ، لأنَّ القِصَر من العُمْر إذا احتشى من الإيمان أربى على الكثير لأنَّ المتبقي من العمر العبودية لله، كي يصير عند الله وجيهاً."
أو أن معنى الحديث هو السَّعة والزِّيادة في الرِّزق وعافية البدن ، وقد قيل : " الفقر هو الموت الأكبر"[12] وانفرد ابن فُورَك بتفسيرٍ للزِّيادة فقال : " إنَّ معنى الزِّيادة في العمر: نفي الآفات عنهم والزِّيادة في أفهامهم وعقولهم وبصائرهم ." [13]
وهناك فهمٌ آخر للزِّيادة يمكن استنتاجه من جمع ألفاظ الحديث ، والمقارنة بينها، وهو أنَّ زيادة العمر هي بقاء أثر الواصل بعد موته ، وهذا مأخوذٌ من بعض ألفاظ الحديث مثل ما أخذ من حديث أنس:" مَنْ سَرَّه أن يُبسَط لَه في رِزقه، ويُنْسأُ لَهُ في أثره فَليَصِل رَحِمَهُ." [14]
وهذا الفهم نقله صاحب "فيض القدير" ، عن الزَّمَخْشريِّ أنَّه قال : معناه أنَّ الله يُبقي أثر واصل الرَّحم في الدُّنيا طويلاً ، فلا يضمحلّ سريعاً كما يضمحلُّ أثر قاطع الرَّحم. فحُمِل الأجل هنا على الأثر ، وهو تأويلٌ سائغٌ ، وتفسيرٌ محتملٌ. [15]
وهناك وجهٌ آخر معناه قريبٌ من التَّأويل الأخير ، ورد في حديثٍ ضعيفٍ أخرجه الطَّبرانيُّ في " المعجم الأوسط"، عن أبي الدَّرداء -رضي الله عنه - قال: ذُكر عند رسول الله-صلّى الله عليه وسلّم - من وصل رحمه أُنْسِىءَ له في أجله ، فقال: "إنَّه لَيْس زيادة فِي عُمْره ، قال الله تعالى : { فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ } ولكِنَّ الرَّجلَ تَكُون لَهُ الذُّرِيَّة الصَّالحة يَدْعُونَ لَهُ مِن بَعْدِهِ" .[16]
ففي التَّفسير السَّابق : جَعَل الزِّيادة في العمر زيادةً في أثره وذِكْرِهِ الطَّيِّب ، وفي الثَّاني ، أنَّ أبْنَاءَ المرء الصَّالحين يدعون له ، فكأنَّه بقيَ وعَمِل وازداد من الحسنات.
وبالجملة فهذه التَّفسيرات والتَّأويلات كلُّها مُحتملةٌ ، فلا ينبغي أن يُردَّ الحديث لشُبهةٍ ، أو استشكالٍ ، فالنَّقص من الحديث بِرَدِّهِ أو تضعيف ما ليس بضعيفٍ، كالزِّيادة أو تصويب ما ليس بصحيحٍ ، وكلاهما غير جائزٍ، بل قد يصل إلى درجة الكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وقد يكون التَّعارض صريحاً بين نصين ، لكنَّه لفظيٌّ ، أي أن تكون لفظةٌ محدودةٌ وردت في نصِّ حديثٍ أو آيةٍ وعلى هذه الّلفظة مدار النَّهي أو الأمر ، وتأتي هذه الّلفظة ذاتها . والله أعلم


[1]  أخرجه بهذا الَّلفظ : القُضَاعيُّ في " مسند الشهاب " : 1/93 طبعة مؤسسة الرسالة - بيروت ، ط الثانية 1407 هـ / 1986 م تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي . وأخرجه المعجم الأوسط – الطبراني - بلفظ:  عن أبي هريرة عن رسول الله : (إن صدقة السر تطفىء غضب الرب وإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء وأن صلة الرحم تزيد في العمر وتقي الفقر وأكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة وإن فيها شفاء من تسعة وتسعين داء أدناها الهم)." وإسناده ضعيفٌ ، ولكن للحديث شواهد يصحُّ بها.
[2]  سورة الأعراف : 34، والنمل : 61 ، و سورة يونس : 49.
[3]  وقد جمعت طرق الحديث في رسالةٍ متوسِّطةٍ سميتها ":"جمع جُهود الحفاظ النَّقلة بتواتر أحاديث زيادة العُمر بالبرِّ والصِّلة".
[4]  تأويل مختلف الحديث : 137.
[5]  انظر : مشكل الحديث : 327.
[6]  فتح الباري : 10/416.
[7]  سورة الرعد : 39، وقال ابن كثير في تفسير الآية : إنَّ الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ، ويُثبت منها ما يشاء ، وقد يُستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد ... عن ثوبان قال : قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - :"إنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَم الرِّزقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبهُ ، ولا يَرُدُّ القدر إلاّ الدُّعاء، ولا يزيد في العمر إلاّ البِرَّ ..." وثبت في الحديث الصَّحيح : أنَّ صلة الرَّحم تزيد في العمر ." أُنظر : تفسير القرآن العظيم : 2/519.
[8]  هو الشيخ عبدالله بن محمد بن الصِّدِّيق الغُماري ، من المعاصرين ، توفي سنة 1413هـ .
[9]  انظر : الأحاديث المختارة في الأخلاق والآداب ، والمسمَّى الغرائب والوِحْدان : 78 ، طبع مكتبة القاهرة - القاهرة / الطبعة الأولى 1390 هـ/1970م.
[10]  انظر : ابن حجر - فتح الباري : 10/416 .
[11]  انظر : الحكيم التِّرمِذي -0 وادر الأصول 284 ، دار صادر – بيروت.
[12]   انظر : ابن قتيبة - تأويل مختلف الحديث : 136 ، وابن فورك - مشكل الحديث وبيانه: 326
[13]  انظر : مشكل الحديث وبيانه : 326 .
[14]  أخرجه البُخاريُّ في " صحيحه " : 7/72 وفي الأدب المفرد : 12 ، ومُسلمٌ في " صحيحه " : 4/1982 ، وأبو داود في " السنن " : 2/132-133 ، والنسائي في الكبرى ، 1/397 ، وأحمد في " المسند " : 3/156،247 ،266 ، ووكيع في " الزهد " : 3/708، وأبويَعْلى في " المسند " 3/444، رقم( 3597) . والطَّبراني في " الأوسط " : 1/186 ، 3/207 .
[15]  المناوي - فيض القدير شرح الجامع الصغير : 4/196 ، دار المعرفة - بيروت ، ط الثانية 1391 هـ /1972 م.
[16]  وأخرجه كذلك العُقَيلي في " الضعفاء " : 2/134 ، وابن حِبَّان في " ، ومما يُقوِّى ذلك أنَّ الهيثمي عزاه في " مجمع البحرين " : للأوسط فحسب.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar