Selasa, 14 Februari 2012

الإمام الترمذي ومنهجه في الكتاب السنن


الكاتب: استخاري
الإمام الترمـذيّ.
نشأتــــــه

·       اسـمـــــــــه:
 محمد بن عيسى بن سَورة بن موسى بن الضحاك
·       كنيتــــــــــه:
أبو عيسى
·       نسـبـــــــــه:
1-        السُلَمي، نسبة إلى القبيلة التي تنتمي إليها وهي نسبة عربية.
2-        الترمذي، نسبة إلى بلده (تِرمِذ) وهي مدينة تقع في جهة الشمال من نـهر جيحون شَـمال إيران.

·       مولـــــــــده:
        لم يذكر المؤرخون سنة ولادة الترمذي على التحديد، لكن ذكر بعضهم على التقدير سنة (209) هجرية، وقال الذهبي: حدود سنة (210) هجرية. وقــيل: ولد أعمـَى، والصحيح أنه عمي وهو كـبير بعد رحلته وكتابته العــلم.
وقد نشأ ببلدة (تِرمِـذ) وسـمع بـها العلم قبل أن يبدأ رحلته، وكان يذكر أن جدّه كان مروزيا، ثم انتقل من مرو، يعني (تِرمـِـذ). وفي هذا ما يشير إلى أن مولده كان بـ (تِرمــِذ) أيضا. [1]

تلقـّيه العــــــلم
لم تحدد المصادر متى بدأ الترمذي طلب العلم، لكن الذي يبدو من خلال النظر في ترجمته أنه ابتدأ الطلب بعد العشرين من عمره. ففاته السماع من طائفة من الكبار، كان سنه يحتمل السماع منهم، لكنه سمع منهم بواسطة، والظاهر أنه بدأ الرحلة بعد عام (234 هــــ).
 لكن الترمذي أُوتي حفظا قويا وذهنا حاضرا، حيث كان يضرب المثال بحفظه وضبطه، ومما يروى عنه في ذلك قوله:  (( كـنت في طريق مكة فكتبت جزآين من حديث شـيخ فوجدته فسألته وأنا أظن أن الجزآين معي، فسألته، فأجابني، فإذا معي جزآن بياض، فبقي يقرأ علي من لفظه، فنظر فرأى في يدي ورقا بياضا، فقال: " أما تستحـي مني؟ "، فأعلمته بأمري وقلت: " أحفظه كله "، قال: " اقرأ! "، فقرأته عليه فلم يصدقني، وقال: "استظهرت قبل أن تجيء؟ "، فقلت: "حدثني بغيره"، قال: "فحدثني بأربعين حديثا!"، ثم قال: "هات!"، فأعدتها عليه ما أخطأت في حرف)).
فهذا الذي ساعد الترمذي على الانتفاع بمن لقي من الحفاظ والشيوخ، وأهّله لمناظرة الكبار كما حصل له مع شيوخه البخاري وأبي زرعة الرازي والدارمي. فقد وقعت له معهم مناقشات ومناظرات علمية دالة على حفظ وفهم ثاقبين أُوتيهما الترمذي. [2]

رحلاتــــُــــــه
خرج الترمذي من بلده في طلب العلم إلى خرسان والعراق والحرمين، وسمع العلم ممن رأى وجمع فأوعى، لكنه لم يدخل الشام ولا مصر. ولذا يقع حديثهم له بنزول عن رجال لو رحل لسمع منهم، كهشام بن عمار وأضرابه، فإنه حدث عنهم بالواسطة.
ونازع بعضهم في دخوله بغداد، وقال: لو دخلها لسمع من أحمد بن حنبل، ولم يذكره الخطيب في (تاريخه) وذكر الحافظ ابن النقطة وغيره أنه دخلها، وذكر ابن نقطة أنه سمع بها من جماعة، منهم: الحسن ابن الصباح، وأحمد بن منيع، ومحمد بن إسحق الصغاني.[3]
ويبدو أنه دخلها بعد موت أحمد بن حنبل، فجميع من ذكرهم ابن نقطة ماتوا بعد أحمد، وكون الخطيب لم يذكره لا يلزم ذلك عدم دخوله لها، فقد فاته خلق ممن دخل بغداد لم يذكرهم في (تاريخه).
ثم رجع الترمذي بعد رحلته نحو بلده فدخل بخارى ونيسابور، ولزم البخاري بها زمنا وقد تأهـّل لمناظرته ومناقشاته، فانتفع به انتفاعا عظيما.
تسمية ما دخله من البلاد:
1-     خراســـــان،   2-  البصـــــرة،   3-  الكوفــــــة،   4-  واســــــط،  5-  بغـــــداد،   6-  مكــــّــة،    8-  المدينـــــة،    9-  الــــــــريّ.



علومــــــُــــــه

برز الترمذي في علوم الإســلام المتنوعة، وأبرزهـــَــا:


1-   علم الحديث:
أوتي فيه حفظا كبيرا من حفظ أسانيده ومتونه والمعرفة، باختلاف وجوهه وجمع أبوابه، وتمييز صحيحه من سقيمه، فصحّح وحسّن وضعّف، وكتابه (الجـَـامع) أعظم شاهد له بذلك، دال على ساعة اطلاعه مع فهم ثاقب ومعرفة دقـيقـة.


2-   علم عـلـل الحـديث:
والمعرفة به الغاية القصوى التي إذا بلغها المحدث كان في الذروة وقد كان الترمذي فيه إمام، وهو معدود في القلعة من المحدثين العارفين به المدركين لمراميه. وقد صنف فيه فأحسن، وأكثر الاعتماد فيه على شيخه البخاري رحمه الله تعالى.

3-   علم الجـرح والتعـديل ومعـرفة الرجال:
تقدم أن الترمذي كان مقدما في معرفة الحديث وعلله، وتمييز صحيحه من سقيمه، ولا يخفى أن ذلك لم يكن ليتم له بدون المعرفة بأحوال الرواة: وفياتهم وكناهم وأنسابهم، ومعرفة ثقاتهم وضعفائهم، والترمذي تكلم في كل ذلك كلام العـالم العارف.

4-   علم الفقــــه:
أوتي الترمذي سعة بمعرفة مذاهب الفقهاء واختلاف الناس، وما جرى عليه العمل، فيذكر فقه أهل الرأي أبي حنيفة وأصحابه، وفقه مالك والثوري والشـافعي، وفقه أهل الحديث كأحمد بن حنبل وإسحق بن راهـويه وغيرهما.
وهذه سمة بارزة في (جامعه) يجمع ذلك جمعا لا نظير له بأيسر عبارة وأتمها، مع المناقشة والترجيح وجودة الاستنباط مما يدل على رسوخ قدمه في ذلك.
وقد قال المبارك بن الأثير: " له في الفقه يد صالحة ".[4]

شــيوخــــــُـــه:

حـدث عـن:  قتيبة بن سعيد، وإسحق بن راهويه، ومحمد ابن عمرو السواق البلخي، ومحمود بن غيلان، وإسماعيل ابن موسى الفزاري، وأحمد بن منيع، وأبي مصعب الزهـري، وبشر ابن معاذ العقدي، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب، وأبي عمار الحسين بن حريث، والمعمر عبد الله بن معاوية الجمحي، وعبد الجبار بن العلاء، وأبي كريب، وعلي بن حجر، وعلي ابن سعيد بن مسروق الكندي، وعمرو ابن علي الفلاس، وعمران بن موسى القزاز، ومحمد بن أبان المستملي، ومحمد ابن حميد الرازي، ومحمد بن عبد الأعلى، محمد بن رافع، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ومحمد ابن يحيى العدني، ونصر بن علي، وهارون الحمال، وهناد بن السري، وأبي همام الوليد بن شجاع، ويحيى ابن أكثم، ويحيى بن حبيب بن عربي، ويحيى بن درست البصري، ويحيى بن طلحة اليربوعي، ويوسف بن حماد المعني، وإسحاق بن موسى الخطمي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وسويد بن نصر المروزي.
فأقدم ما عنده حديث مالك والحمادين، والليث، وقيس بن الربيع، وينزل حتى إنه أكثر عن البخاري، وأصحاب هشام ابن عمار ونحوه.


تـلاميـــــْـــــذه:

حــّدث عـنه : أبو بكر أحمد بن إسماعيل السمرقندي، وأبو حامد أحمد بن عبد الله بن داود المروزي، وأحمد بن علي بن حسنويه المقرئ، وأحمد بن يوسف النسفي، وأسد بن حمدويه النسفي، والحسين بن يوسف الفربري، وحماد بن شاكر الوراق، وداود ابن نصر بن سهيل البرذوي، والربيع بن حيان الباهلي، وعبد الله بن نصر أخو البزدوي، وعبد بن محمد بن  محمود النسفي، وعلي بن عمر بن كلثوم السمرقندي، والفضل بن عمار الصرام، وأبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب، راوي (الجـامع)، وأبو جعفر محمد بن أحمد النسفي، وأبو جعفر محمد ابن سفيان بن النضر النسفي الأمين، ومحمد بن محمد بن يحيى الهروي القراب، ومحمد بن محمود بن عنبر النسفي، ومحمد بن مكي بن نوح النسفي، ومسبح بن أبي موسى الكاجري، ومكحول بن الفضل النسفي، ومكي بن نوح، ونصر ابن محمد بن سبرة، والهيثم بن كليب.[5]
مناقـبــــُـــــه:

كان الترمذي مذكورا بالصلاح والاستقامة إضافة إلى ما أوتي من العلم الواسع، كيف لا و (المرء على دين خليله)، فأي خليل كان للترمذي وأي أصحاب! أولئك أعلام الأمة وسادة الأئمة.
كان على درجة من الورع والزهد، مقبلا على الآخرة، معرضا عن الدنيا، همه العلم والعمل به، بكاء من خشية الله تعالى حتى عمي بسبب ذلك. مع العناية بنشر ما أوتي من العلم وبثـّه في الناس، مما جعل الله تعالى له به القبول في نفوس الناس، فقصدوه لينتفعوا به.[6]


شـهادة العـلماء له:

تقدمت شهادة البخاري لتلميذه الترميذي وقوله له : "ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي".  وفيما يلي جملة من شـهادات الكـثير من الحفاظ والعلمــَـاء من بعـده:
1-        قال عمر بن علـّك الحافظ: "مات البخاري فلم يخلف بخرسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهـد".
2-        وقال ابن حبان: "كان أبو عيسى ممن جمع وصنف وحفظ وذاكـر".
3-        وقال أبو يعلى الخليلي: "ثقة متفق عليه، مشهور بالأمانة والعلم".
4-        وقال أبو سعـد الإدريسي: "أحد الأئمة الذين يقتدي بهم في علم الحديث، صنف الجامع والتواريخ والعلل تصنيف رجل عالم متقن، كان يضرب به المثل في الحفظ ".
5-        وقال المبارك بن الأثير: "أحد العلماء الحفاظ الأعـلام ".
6-        وقال الحافظ المزي: "أحد الأئمة المبرّزين، ومن نفع الله به المسلمين".
7-        وقال الذهبي: "الحافظ العـلـَم الإمام البارع "، وقال: " ثـقة مجمع عليه ".
8-        وقال ابن كـثير: "أحـد أئمة هـذا الشــأن في زمانه ".

شـُــذوذ ابن حـَـــزم:
وقد شـذ ابن حزم الأندلسي فـزعم أن الترمذي (مجهول) واتفق العلمـَـاء على رد مقالته،  وقالوا: حكم ابن حزم على نفسه بقلعة الاطلاع، وما ضـر ذلك الترمذي بل ضـر ابن حزم نفسه أن يجهل إماما قد ذاع صيته وشاع، وليست هذه بأول زلاته  في مثل هذا، فقـد جهل غير الترمذي من الحفاظ والثقات. وإنما يؤخذ هـذا على ابن حزم مع الاعتراف بفضله وعلمه لئلا يُـغترّ به.




تصـَـانيفـــــــه:

أودع الترمذي علمه تصانيفه، فاشتهرت بعده، وصار بها يعرف، وذلك لما ضمّنها من الفوائد الغزيرة والعلم الكثير الذي استقاه من شيوخه الأكابر من أئمة الحديث، وحدث بما صنف وحُمل علمه حتى بلغ الآفاق، وبقي له على مدى الدهور، يذكره بالفضل بسببه كل من جاء بعده من أهل العلم.
والذي وصلنا من مصنفاته ما يأتِـــي:
1-      الجــــَــــامع: وهو المشهور بــ (الســُــنن) أشهر كتب الترمذي وأدلتها على علمه، وهو أحد دواوين الإسلام العظيمة، وأحد الأصول الستة المعتمدة، وله فضائل كثيرة.

v      تأليْــف السُـــنن:
           الإمام الترمذي تلميذ البخاري وخريجه، أراد أن ينهج سبيل شيخه في تصنيف العلم بعد ما تأهـّل وأوتي منه نصيبا وافـرا، فجمع كتابه المعدود أحد الأصول الستة الأمهات، ويبدوا أنه صنفه ابتداء حديثا مجردا ثم أتبعه بالفوائد في ذكر مذاهب الفقهاء وعلل الحديث ونحو ذلك بعد طلب منه، أشار إلى هذا في كتاب العلل الملحق بآخر جامعه حيث قال: " وإنما حملنا على ما بينا في هذا الكتاب من قول الفقهاء وعلل الحديث، لأنا سئلنا عن هذا فلم نفعله زمانا ثم فعلناه لما رجونا فيه من منفعة الناس".
وفرغ من تصنيفه يوم الأضحى سنة (270) هجرية. وقد راعى الترمذي في تصنيفه حال المستفيد فأتى به واضحا لكل ناظر، جمع فيه بين الحديث والأثر والفقه والنظر من غير تكلف في العبارة ولا صعوبة في السياق.
وموارد الكتاب كثيرة متعددة، منها: الموطأ، ومصنفات وكيع، وسفيان وعبد الرزاق وابن المبارك والشافعي وتواريخ البخاري وغير ذلك.
وقد سمى كتابه (الجامع) هكذا اشتهر عنه اسمه وكثر استعماله به. وسماه كثير من العلماء (السنن) وذلك لتضمنه أحاديث الأحكام مرتبة، لكن اسم (الجامع) أولى لعدم اقتصاره على أحاديث الأحكام.
وزاد بعضهم وصف (الصحيح) على اسم (الجامع) فقالوا: (الجامع الصحيح)،[7]  والبعض سماه (صحيح الترمذي). وليس هذا بصواب، لكونه جمع الصحيح وغيره إلا أن يكون على معنى التغليب لكون أكثره صحيحا.


v   موضُــوع السُـــنن:
      موضوع جامع الترمذي الحديث المرفوع الذي عمل به الفقهاء إجماعا، أو اختلافا أو انفرادا، مرتبا على أبواب العلم ابتداء بالعبادات فالمعاملات، وهكذا مما تهمّ المكلّف معرفته والعلم به، مع الاختصار وعدم التطويل بسرد الأسانيد، إضافة إلى ذكر علل الأحاديث ووتمييز مراتبها من حيث القبول وفصل الصحيح عن غيره، مع الكلام على الرواة وبيان درجاتهم وتواريخهم، فيذكر الجرح والتعديل نقلا عن الأئمة واحيانا باجتهاده، ويبين الأسماء والكنى والوفيات والطبقات، ويضبط المتسابه من ذلك، وربما ترجم للراوي بذكر شيوخه وتلاميذه، كما يذكر مذاهب الفقهاء مع بيان إجماعهم واختلافهم، والناسخ والمنسوخ واختلاف الحديث، مع الترجيح في كثير من مواضع النزاع، ويشرح غريب الألفاظ وغير ذلك من النكت والفوائد التي جعلت لهذا المصنف منزلة رفيعة جدا.
 فجمع في كتابه إضافة إلى الخير المرفوع الأثر الموقوف والمقطوع، ويذكر أكثر ذلك معلقا وربما أسنده.

v     شَــرط السُـــنن:
     اشترط الترمذي في كتابه ذكر الأحاديث التي عليها مدار الأحكام والتي عمل بها الفقهاء، وقد أبان عن ذلك في كتاب العلل الملحق بالجامع، فقال: جميع ما هذا الكتاب من الحديث فهو معمول به، وقد أخذ به بعض أهل العلم ما عدا حديثين، وذكرهما.
ولم يشترط في أحاديثه الصحة، فلذا وقع في كتابه أنواع كثيرة من علوم الحديث، ففيه: الصحيح، والحسن، والضعيف، والغريب، والمرسل، والمنقطع، والمضطرب، والمعلل، والشاذ، والمحفوظ، والمنكر، والمعروف، والمدلس، والمرسل الخفي، وغير ذلك.
غير أنه التزم بيان ذلك وشرحه، فيذكر الحديث ويبين نوعه ولا يسكت. وهو مع سعة شرطه ينتقي في الباب ويختار أحسن ما وجد، فلذا غلب على أحاديث كتابه الصحـيح والحسـن، وأقله الضعيف بدرجاته. وأما شرطه في الرجال فرجال كتابه على طبقات:

1)        الثقات الحفاظ، وحديثهم كثير في كتابه، وأكثره مما يوافق فيه الشيخين أو أحدهما.

2)        ما دون الأولى في الحفظ، فحديثم ربما صحـّحه وربما حسـّنه.
3)        المستور والصادق الذي ليس من أهل الحفظ والإتقان، وروي نحو حديثه من وجه آخر يقويه، فيحسّن حديثه.

4)        الضعيف الذي يتفرد بالحديث وليس له ما يشده، وهذا قليل في كتابه.


5)        الواهي والمتروك، وقد ذكر في كتاب العلل أنه لا يشتغل بحديثه إلا أنه ربما أخرج الشيء من ذلك منبها عليه.

مصطلحات الترمذي في الحديث المقبول والمردود:
   يستخدم الترمذي مصطلحات معينة في الحكم على أحاديث كتابه، بعضها مشهور معروف لا يحتاج إلى توضيح مراده منه، كقوله: (إسناد ضعيف) أو (فيه اضطراب) أو ما أشبه ذلك، لكن وقع الإشكال في مراده من بعض الألفاظ المتداولة، وهي نوعان:

Ø   الأول: اصطلاحات مفردة.

1-        حديث صحـيح: وهو ما جمع شروط الصحة المعروفة عند المحدثين،  ويشمل الصحيح لذاته ولغيره.

2-        حديث حسن: وهو عنده ما جمع الشروط، وهي: ليس في إسناده متـّهم بالكذب، ولا يكون شاذّا، و روي نحوه من وجه آخر.


3-        حديث غريب: وهو ما روي من وجه واحد لا يبلغ درجة المقبول، وليس له ما يشده.

Ø   الثاني: اصطلاحات مركبة.

1-        حديث صحيح غريب: وهو ما جمع شروط الصحة ولم يأت إلا من الوجه المذكور، بمعنى أنه الصحيح لذاته.

2-        حديث حسن غريب: وهو الذي خفّ ضبط راويه عن راوي الصحيح، ولم يأتي إلا من الوجه المذكوروهو الحسن لذاته.


3-        حديث حسن صحيح: وهو الذي جاء من وجهين أحدهما صحيح والآخر حسن، أو تردد فيه نظر الترمذي، فكأنه يقول: "حديث حسن أو حديث صحيح ".
­­
4-        حديث حسن صحيح غريب: أي حسن بالنظر إلى إسناده صحيح بالنظر إلى آخر، لكنه غريب من الوجه الذي ذكره في كتابه. أو معناه على التردد كأنه قال: "حديث حسن غريب، أو صحيح غريب ". [8]



v        تبْـويب السُـــنن:
      رتب الترمذي جامعه على أبواب، فيذكر ترجمة كلية كقوله: (أبواب الطهارة) ثم يفرع تحتها أبوابها، فيقول مثلا" (باب ما جاء لا تقبل صلاة بغير طهور) ثم (باب ما جاء في فضل الطهور) وهكذا. جعل الترمذي أبوابه جامعة لأبواب العلم ولم يقتصر بها على أبواب الأحكام، وإنما تعداها للفضائل والزهد وغير ذلك.
ولم يتكلف الفقه في تراجم أبوابه، وإنما يذكر الباب بصيغة هي ألصق ما تكون بما يسوق  تحتها من الحديث، ثم يكتفي بسوق حديث أو حديثين في الباب، ثم يشير إلى ما روي في الباب غير ما ذكره عن غير من ذكر من الصحابة، فيقول: (وفي الباب عن فلان وفلان)، ويذكر ما بلغه علمه، وربما فاته الشيء من ذلك مما يعلمه غيره، فيكون بهذا قد لخص ما في الباب بأسـلوب يفهمه كل مستفيد بأقرب لفظ وأجمع عبارة، وهذه ميزة بارزة لكتابه لم يشـارك فيها.
وليس من منهجه استعمال التراجم الغامضة التي يحتاج إدراك مناسبتها  للحديث إلى تكلف ومشقة في الوصول إلى مقصوده إليها. وكذلك ربما وقع فيه التبويب مرسلا من غير ترجمة، فيقول مثلا: (باب) أو (باب منه) ولا يزيد، فهذا أشبه بالتفريع على الباب السابق له.


v      معــلقات السـُــنن:
      وقع في كتاب الترمذي تعليق الأسانيد المرفوعة والآثار الموقوفة والمقطوعة، وهو كثير فيه، لكنه لا يستخدم ذلك في تراجم الأبواب، إنما يقع له عقب الأحاديث التي يذكرها مسندة، وهو يصنع ذلك اختصارا وحرصا على عدم التطويل بسرد الطرق والأسانيد، واكتفاء بما يسنده في الباب.
وما يعلقه من مذاهب الأئمة المشهورين في الأبواب قد أورد أسانيده إليهم في ذلك كله في كتاب العلل الملحق بآخر الجامع. فاكتفى بذلك عن سَوق الأسانيد في كل موضع استقلالا.
ومن حَرْص الترمذي على الاختصار ومبالغته فيه مع القصد إلى الحصر يشير أحيانا إلى المتابعة فيعلقها عن الإبهام فيقول: (روي من غير وجه)، ونحو ذلك.  [9]

v      تكـــْــرار الحديث:
      طريقة الترمذي في سَوق أحاديث كتابه فيها شبه من طريقة سلم، ذلك من جهة جمع طرق الحديث الواحد وتعدد الشيوخ بسياق واحد من غير فصل، مع التنبيه على اختلاف الرواة واتفاقهم، مع أنه كان يرى جواز الرواية بالمعنى، ولا يفرق في استخدام (حدثنا) أو (أخبرنا) وهما عنده واحد، فلا يكتفي بحمل لفظ على لفظ وإنما يشير إلى الاختلاف.
        ويجمع أحاديث المسألة في مكان واحد. ولا يكثر من سرد الأسانيد. فلذا فإنه يخرج الحديث في ألصق أبوابه به وأظهره  دلالة عليه، وما كان عنده في الباب سواه يشير إليه بقوله: (وفي الباب عن فلان)، وبذلك تجنب التكرار الموجود في غيره.
           ووقع في الجامع أحاديث مكررة، لكن في مواضع يسيرة، ولا يكرر الحديث الواحد عدة مرات، بل أكثر ما وجد ذلك تكراره الحديث في ثلاثة مواضع، ويراعي في التكرار احتياجه له في الباب الآخر فيورده مع غير مراعاة للفائدة الإسنادية فربما أورده تاما سندا ومتنا كما هو في الموضع الأول.

v       تقطيــْـع الحديث:
تقطيع الترمذي للحديث نادر جدا في كتابه، ولعل ندرة ذلك بسبب سعة شرطه، فعنده في كل باب ما يغنيه عن التقطيع للحديث حسب موضع الحاجة، لكنه وقع عنده اختصار الحديث أحيانا حيث يذكر من الحديث الطويل ما يحتاجه في بابه ويشير إلى بقيته بقوله مثلا: (وفي الحديث قصّة).

v       انتقاد السـُــنن:
انتقد الإمام الترمذي في جامعه من وجوه ترجح، جملتها إلى:
1)   تخريجه الأحاديث الضعاف والواهيات.
2)   تساهله في الحكم على الأحاديث بالصحة والحسن.
3)   تساهلة في نقد الرجال.
4)   يبدأ بالحديث الغريب غير القوي في الباب ثم يتبعه بالأقوى منه.
وهذه الوجوه جميعا مندفعة لا يحسن بها الطعن على الإمام الترمذي وكتابه، وبيان ذلك كما يأتي:
1-   أما تخريجه الأحاديث الضعيفة والواهية فإنه لم يشترط الصحة في أحاديث كتابه، إنما شرطه إيراد كل حديث احتج به محتج أو عمل به فقيه وإن لم يصح، غير أنه التزم بيان درجة كل حديث عقبة بما يدفع عنه التبعة، فهذا انتقاد غير قائم وغير لازم.
2-   وأما تساهله في الحكم على الأحاديث بالصحة أو الحسن فقد اشتهر عن الحافظ الذهبي حيث أورد له أحاديث معدودة صححها أو حسنها وهي ضعيفة في نقد الذهبي، فذكر لذلك أن نفس الترمذي في التضعيف رخو، ولأجل ذلك لايعتمد العلماء على تصحيحه، وهذه الدعوى منه قيل: سبقه إليها بعض من لا يعتمد على قوله، وإلا فالعلماء بعد الترمذي عامتهم يعتمدون  على تصحيح الترمذي وتحسينه ويذكرون قوله من غير تعقيب، وذكر ابن الصلاح وغيره أن كتاب الترمذي من الكتب التي تستفاد منها الزيادة على الصحيح، وقد رد الحافظ العراقيي دعوى الذهبي بقوله: " وما نقله عن العلماء من أنهم لا يعتمدون على تصحيح الترمذي ليس بجيد، فما زال الناس يعتمدون تصحيحه.
    يؤيد ذلك أن الإمام الترمذي صرح باستفادته العلل والرجال والتاريخ من البخاري، ومن شيخه أبي زرعة الرازي وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأكثر ذلك من البخاري، والثلاثة من كبار النقاد ورءوس أئمة الحديث، بل إليهم المنتهى في زمانهم في علوم الحديث، والترمذي قد تأثر بهم خاصة البخاري أيما تأثر، وبدت طريقته في تقد الرجال، فلذا فإن وصفه بالتساهل في حكمه بالصحة أو الحسن لا يتلاءم مع تخرجه على هؤلاء الأعلام. والمدقق   في تعليلات الترمذي للأحاديث في الجامع والعلل الكبير يدرك تماما ما أوتيه هذا الإمام من قوة النقد والتحري وجودة النظر والاختيار. هذا مع التسليم بأن الترمذي بشر ربما يخطئ في اجتهاده في التصحيح أو التحسين، كما قد يخطئ في التضعيف، لكن لا يصح بحال أن يجعل ذلك أصلا يحكم به لإبطال مجهوده العظيم في كتابه.
وأما تساهله في نقد الرجال فالمراد به تخريجه أحاديث الضعفاء مصححا لها أو محسنا، وهذا يرجع إلى الوجه السابقز  وكل من هذا الوجه والذي قبله يرجعان إلى أسْـباب ثلاثــَـة:
ü    اختلاف نسخ الجامع في زيادة  لفظه تصحيح أو تحسين.

ü    الغفلة عن مراد الترمذي من اصطلاحه.

ü   اختلاف الاجتهاد بين العلماء في رتبة الراوي أو درجة الحديث وتدقيق النظر في هذه الأسباب يبرئ ساحة الترمذي ولا يؤخره عن ركب الأئمة النقاد، بل يبقى له علو مكانته وتقدم مركبه.

3-   وأما ابتداؤه بالحديث الغريب أو الضعيف في الباب ثم يتبعه بالصحيح القوي فهذا ليس بعيب عليه أو على كتابه، ذلك لأنه يذكر الغريب الضعبف أولا ثم يذكر علته ببيان الصحيح، فهم يُعلّ الأول بالآخر، فهي إذن ميزة لكتابه توجب له التقدم لا عيبه ونقده.

v         مكانة السـُــنن:
جامع الترمذي كتاب نفيس جم الفائدة، عظيم المنفعة، حسن الترتيب واضح المقاصد، ينتفع به الناس على اختلاف طبقاتهم، دال على غزارة علم مصنفه، وليس الحديث وحده غايته، بل هو أصل في معرفة الأحكام،  وتمييز مسائل الحلال والحرام، كما أنه كتب ترغيب وترهيب وفضائل ومناقب، وسير وتاريخ، وجرح وتعديل، فتسميته (الجـَـامع) دالة بالمطابقة على مضمونه.
وكان لهذا المصنف القبول عند عامة علماء الإسلام، نهلوا من فيض معارفه، وعنوا به شرحا وتخريجا وغير ذلك، وعدَّه البعض في المرتبة التالية لصحيح مسلم بدل أبي داود أي: ثالث الكتب الستة الأصول، وأبو داود بعده، والأكثر على عدّه رابع الكتب بعد أبي داود.
وقد أطلق عليه الحاكم النيسابوري اسم الصحيح، فإن أراد عليه التغليب فهو صواب، وإن أراد مطلقا فليس كذلك لما سبق في بيان شرطه.
ولاعتنائه بأدلة الفقه قال من قال: "هو كاف للمجتهد، مغن للمقلد". وأثنى عليه شيخ الإسلام الهروي، فقال وقد ذكر عنده الترمـــذي وكتابه: (( كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسـلم، لأن كتابي البخاري ومسـلم لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحـر العــالم، وكتاب أبي عيسـى يصـل إلى فائدتــه كل أحــد من الناس)). وقال الخطابـــي: (( كتاب أبــــي عيسـى كتاب حســـن)).
وروي عن الترمذي نفسه قال: ((صنفت هذا الكتاب وعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به، ومن كان هذا الكتاب في بيته فكأنما في بيته نبــــيّ يتكلم)). لكن في سند هذه الحكاية ضعف.
وقال المبارك بن الأثير: ((كتابه –الجامع- أحسن الكتب وأكثرها فائدة وأحسنها ترتيبا، وأقلها تكرارا، وفيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال وتبين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب، وفيه جرح وتعديل، وفي آخره كتاب العلل قد جمع فيه فوائد حسنة لا يخفى قدرها على من وقف عليهـا )). وقال الحافظ ابن كثير: (( كتاب الجامع أحد الكتب الستة التي يرجع إليها العلماء في ســائر الآفاق)).   

   



v     ســـند السـُـــنن:
كتاب (الجامع) للإمام الترمذي متواتر عنه، حيث رواه عنه طائفة، منهم الحافظ أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي المتوفى سنة (335) هجرية، وأبرزهم الذي انتشرت عنه رواية (الجامع) وشاع في الآفاق من طريقه الثقة المسند أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي التاجر المروزي المتوفى سنة (346) هجرية، وكان قد رحل إلى الترمذي في بلده ترمذ، فسمع منه (الجامع) سنة (265) هجرية سماعاته صحيحة مضبوطة بخط خاله أبي بكر الأحول، وكان عمره يوم ســمع الجــَــامع (16) عاما، ثم كانت له الرحلة من بعد للسـماع منه.

2-      العـــِـــلَـل: وهو مصنف مفرد يطلق عليه اسم (العلـل الكبير) وهو غير العلـل الملحق بآخر كتابه (الجـامع)، وهذا الكتاب وصلنا بترتيب القاضي أبي طالب، وهو كتاب عظيم الفائدة، كثير المنفعة.

3-      الشـَــمائل: وهو في صفات النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه شروحات  كثيرة.


4-      تسـمية أصحاب رسـول الله صلـّـــــى الله عليه وســــــَــلم: ويسـمىّ (أسماء الصحابة).


والترمذي كتب أخرى لم تصلنا، منها:
1-   كتاب التاريـــْــخ،    2- كتاب الزهــْـــــد،     3- الأسماء والكنـى.
وذكـــــــروا له تصنيفا في الفقه أيضا.


وفاتـــــــُـــــه:

مات  الإمام الترمذي بعدما ترك في المسلمين أعظم الأثر في ليلة الإثنين الثالث عشر من رجب سنة (279) هجرية، بقرية (بوغ) من قرى بلده (تـِرمِـذ)، فرحمه الله تعالى ورضيَ عنه.

مراجـِع البحـث

شاكـــــــر، أحمد محمد، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير (بيروت: دار الكتب العلمية، 1403هــ).
النيسابوري، الحاكم محمد بن عبد الله، معرفة علوم الحديث (المدينة المنورة: المكتبة العلمية، 1397هـــ)
العســـقلاني، ابن حجــر، نــزهة النظــر في توضيح نخبة الفكر (د.م، مكتبة التوعية الإســلامية، 1989هــ).
الطحان، محمود، تيسير مصطلح الحديث (الكويت: دار التراث، 1984هـــ)



[1]  أبو الفداء، المختصر في أخبار البشر (http://www.alwarraq.com، الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع) الباب: عبد الله بن إبراهيم  ج. 1، ص. 190
[2]  محمد ناصر الدين الألباني، صحيح سنن الترمذي (د.م، مكتب التربية العربي لدول الخليج، 1988م)، ج. ، 366
[3]  ابن حجر العسقلاني، النكت على كتاب ابن الصلاح (المملكة العربية السعودية: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 1404هــ/ 1984م)، الباب: النوع الثاني: الحسن، ج. 1، ص. 430
[4]  المرجع السابق: ص.434
[5]  المرجع السابق: 434
[6]  المرجع السابق: 434
[7]  أحمد محمد شاكر، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير (بيروت: دار الكتب العلمية، 1403هــ)، باب التعليقات التي في الصحيحين، ج. 1، ص. 3

[8]  ابن حجــر العسقلاني، نــزهة النظــر في توضيح نخبة الفكر (د.م، مكتبة التوعية الإســلامية، 1989هــ)، باب معنى قولهم حديث حسن صحيح، ج. 1، ص. 79، 211

[9]  محمد خلف سلامة، لسان المحدثين  الباب حسن غريب(د.م، د.ت.)، ج. 3، ص. 319

Tidak ada komentar:

Posting Komentar